دراسة تقييم أثر برنامج
ملخص الدراسة
أدت التطورات الاجتماعية والاقتصادية في الآونة الأخيرة إلى تغير النظام القيمي والأخلاقي للمجتمع المصري. يستهدف برنامج “أنا ونحن” تعليم وتثقيف النشء وتنمية مهاراتهم الحياتية فيما يتعلق بفهم الذات، تنمية العلاقات مع الآخرين، التكيف مع المجتمع، وإعداد المشاركين لسوق العمل من خلال دعم الاستعداد للنمو الاجتماعي والاقتصادي. تبحث الفلسفة الرئيسية للبرنامج حول سبل انتقال أثر تعلم المهارات لمجالات أخرى من الحياة وكذلك بقاء أثر تعلمها. الغرض الأساسي من هذه الدراسة تقييم أثر البرنامج بعد مدة من تطبيقه على تنمية مهارات إدارة الذات والتعامل مع الآخرين لدى الخريجين، وعلى استعدادهم للنمو في الجانبين الاجتماعي والاقتصادي. قمنا بتحليل مضمون الأجزاء الأربعة للبرنامج، لتحديد المفاهيم والمهارات الأساسية والضمنية، وتقييم مستوى المهارات الأساسية المستهدفة من البرنامج لدى الخريجين من خلال استبيان إلكتروني معد خصيصا، وإجراء مقابلات لقياس مستوى الاستعداد للنمو الاجتماعي والاقتصادي، وتحليل مكونات البرنامج في سبيل تحديد اتجاهات التطوير المستقبلية بالاعتماد على مجموعات التركيز والاستعلام التقديري. أوضحت النتائج فاعلية البرنامج في تنمية المهارات المستهدفة وبقاء أثر تعلمها، ومستوى مرتفع من الاستعداد للنمو الاجتماعي والاقتصادي لدى الخريجين، وتم تحديد نقاط القوة، ونقاط الضعف، والفرص، والتهديدات، واحتياجات الخريجين المستقبلية لتطوير البرنامج في ضوئها.
الكلمات المفتاحية
الاستعداد للنمو الاجتماعي، الاستعداد للنمو الاقتصادي، البرامج الثقافية، البرامج الموجهة للنشء، مؤسسة الثقافة والتعليم للطفل والعائلة (CECF).
الاختصارات
المؤسسة، مؤسسة الثقافة والتعليم للطفل والعائلة. برنامج “أنا ونحن” برنامج موجه للأطفال من عمر 11- 15 سنة، يتكون من أربع أجزاء وهي (أنا، أساسيات ومهارات، اختلافنا تواصلنا، مجتمعنا). التحليل الرباعي (تحليل نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات).
مقدمة
حافظ المجتمع المصري على مدار آلاف السنين على ثقافة فريدة ومميزة بشكل شبه مستقر. ولكنه شهد العديد من التغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية مثل كافة المجتمعات خاصة في الوطن العربي (Castells, 2009)، تسارعت وتيرة هذه التغيرات بشكل ملحوظ مع التحولات الكبرى التي مر بها المجتمع المصري في السنوات الماضية.
تعد القيم والأخلاقيات والاتجاهات والسلوكيات من أركان النسق الثقافي للمجتمع، وقد تأثرت إلى حد كبير بتغير السياق السياسي والثقافي والاجتماعي.
كما أدت الثورة المعلوماتية والاتصالية إلى وضع أبناء المجتمع في مواجهة العديد من المستحدثات الاستهلاكية والإعلامية والثقافية (Bardici, 2012) ومنها ما هو غير ملائم لأسلوب المجتمع، مما ترتب عليه تسلل العديد من القيم السلبية إلى النظام القيمي للمجتمع المصري بشكل يعيق تقدمه ونموه.
الشباب المصري، والذي يمثل نسبة حوالي 60 في المائة من السكان كان من بين الفئات الأكثر تأثرا بالتحولات المجتمعية (Ezzat, 2020). أبلغت الدراسات عن تغيرات في التوجهات والنسق الثقافي للشباب المصري في السنوات الأخيرة، حيث ساد عدد من المتغيرات الدخيلة مثل تغليب المصالح الفردية، والتدين الظاهري، والعنف، والتعصب وأحادية الرؤية، وتراجع السلطة الأبوية، وشيوع الثقافة الاستهلاكية، والتراجع النسبي لقيم الإيثار والتسامح والعمل الجماعي (Attia et al., 2013; Kalliny et al., 2014; Abbott et al., 2020)
يعد الاهتمام ببناء الشخصية المصرية واحدة من أهم القضايا في ضوء هذه التغيرات. تؤدي البرامج التثقيفية وبرامج تنمية مهارات الحياة بشكل غير رسمي مهمة كبيرة في تعزيز التغير الإيجابي وبناء القيم والأخلاقيات والتأثير في الاتجاهات، وإكساب النشء السلوكيات الإيجابية والمفاهيم والمهارات الحياتية المتنوعة (Roper and McAloney 2010)
يتأثر النمو الاجتماعي والاقتصادي إلى حد كبير بالمستوى القيمي والثقافي خاصة في طور النمو، يدعو ذلك إلى الاهتمام بالبرامج التي تدعم تثقيف النشء، وإكسابهم الاستعداد للنمو الاجتماعي، والاستعداد للنمو الاقتصادي، بشكل يؤثر بالإيجاب على نمو وتطور المجتمع ككل.
البرامج التثقيفية وبرامج تنمية المهارات الحياتية
تهتم البرامج التثقيفية وبرامج تنمية مهارات الحياة الموجهة للنشء بالتكوين السوي للشخصية، وتطوير المهارات مثل التواصل، والوعي الذاتي، واتخاذ القرار، وحل المشكلات، والتفكير النقدي والإبداعي، وتأهيل الشباب لسوق العمل من خلال دعم استعدادهم للنمو الاجتماعي والاقتصادي.
وتتنوع الفنيات والاستراتيجيات التعليمية التي توظفها تلك البرامج لتحقيق أهدافها، منها ما هو مرئي أو مسموع أو مقروء.
كما تهتم هذه البرامج بدراسة المتطلبات التربوية لبناء الشخصية في ضوء المتغيرات التي يشهدها المجتمع، ووضع التصورات والرؤى الداعمة. رتبت (Zedan, 2018) المتطلبات اللازمة لبناء الشخصية المصرية على النحو الموضح بالشكل (1)، وأشارت إلى أن تنفيذ البرامج التثقيفية التي تهدف إلى تنمية الوعي لدى النشء من أهم الآليات التربوية اللازمة لتحقيق متطلبات بناء الشخصية المصرية.