برنامج أنا ونحن


برنامج “أنا ونحن” برنامج تفاعلي تقدمه مؤسسة الثقافة والتعليم للطفل والعائلة للفئة العمرية (10-15) سنة، قامت بتأليف كتب البرنامج الدكتورة سهير الدفراوي المصري، ويستند إلى أسس علمية سليمة، يهدف إلى تكوين شاب سوي راض عن نفسه متوائم مع من حوله وناجح في حياته حيث يقدم العديد من الأسئلة العميقة والقصص والفنون المختلفة والرياضة وعن طريقها يغرس في المشارك القيم والمهارات الحياتية، والتي تمثل 90٪ من القيم والمهارات التي ترى “مجموعة الثقافة مهمة” من جامعة هارفارد أنها مرتبطة بالتطور الاقتصادي لأنها متواجدة في المجتمعات “المتطورة اقتصاديًا” أو “المُهيأة للتطور الاقتصادي” وغير متواجدة في المجتمعات الأخرى، وتشمل هذه القيم والمهارات: النظام، والانضباط، وأخلاقيات العمل، والادخار، والالتزام بالمواعيد، وسيادة القانون، وقبول الآخر المختلف، والصدق، والمسؤولية، والإنجاز، إلخ

تم تصميم البرنامج خصيصًا لثقافتنا فيعالج العديد من قضايانا مثل القبلية، ومقولة “أنا وأخويا على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب” ويتكون من أربعة أجزاء يتم تدريسها للمشاركين على مدار عامين أو 4 فصول دراسية:


يعزز الجزء الأول (أنا ونحن – أنا) القيمة الذاتية، ويعلم المشاركين النظام، والعمل بأهداف، والتعرف على الجوانب الثلاثة لأنفسهم: الماضي (تاريخهم الشخصي، وقصص الأجداد)، والحاضر (الملاحظة، والصدق مع النفس)، والتوجه المستقبلي (التخطيط والعمل بأهداف)، ويعلمهم أن يلاحظوا، ويظهروا ذكاءً عاطفيًا، وصدقًا مع ذاتهم، وتعاطفًا مع الآخرين، ويحكموا ضمائرهم، وينموا خيالهم، وما إلى ذلك.

يساعد الجزء الثاني (أنا ونحن – أساسيات ومهارات) على تطوير أساسيات علاقة الـ”أنا” مع الـ”نحن”، مثل الاحترام، وأمانة الوقت والجسد …، وأهمية الادخار، وأخلاقيات العمل، والتمييز بين الحب الحقيقي والوقوع في الحب لـ إريك فروم

في الجزء الثالث (أنا ونحن – اختلافنا وتواصلنا)، بعد أن حدد البرنامج أسس العلاقة بين الـ”أنا” والـ”نحن” ُيظهر مزايا تقبل الاختلاف (الذكاءات المتعددة لـ هاورد جاردنر) ومشكلات تنتج عن عدم التقبل الإنغلاق الأسري غير الأخلاقي لـ إدوارد بانفيلد، الحروب القبلية في كينيا ورواندا، حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة: مارتن لوثر كينج وروزا باركس

في الجزء الرابع (أنا ونحن – مجتمعنا) يأخذ البرنامج المشاركين إلى المجتمع الناتج من الـ”أنا” السوية حيث يحبون بلدهم حبًا غير مشروط، ويهتمون بالبيئة، ثم يعدون مشروعًا لمجتمعهم.


لقد تم تطبيق البرنامج في المدارس الحكومية والخاصة وقصور الثقافة والمكتبات ومراكز الشباب والجمعيات الأهلية في محافظة حيث أكمل أكثر من مشارك الأربعة أجزاء من البرنامج، كذلك طبق في محافظة المهرة اليمنية بناءً على توصية قدمتها الدكتورة إليزابيث كيندال _المتخصصة في دراسة الفكر الجهادي في جامعة أكسفورد_ لمجلس قبائل المهرة. استند اختيار البرنامج إلى أنه عندما ينمي القيمة الذاتية لدى الفرد وينمي فكره قد يحصنه ضد الأيديولوجية الجهادية


الفحص الدقيق لثقافتنا وللقيم الثقافية والمهارات الحياتية المرتبطة بالتنمية الاقتصادية ُيظهر لنا أن ثقافتنا تفتقر لهذه القيم والمهارات، كذلك نعرف أنه من الصعب عام تغيير العناصر الثقافية لأنها (مثل النظام والمسؤولية) تبدأ تتأصل في الفرد في مرحلة الطفولة وتحتاج مجهود كبير لتغييرها، لذلك نجد أنه عندما يتأكد البعض أن هذه العناصر الثقافية قد تكون سببًا رئيسيًا لتأخرنا في التنمية الاقتصادية يتجاهلون هذا الدور المحتمل لأنه ليس من السهل تغييره. بعكس ذلك يحاول برنامج “أنا ونحن” التغلب على صعوبة تبني القيم والمهارات المرتبطة بالتنمية الاقتصادية من خلال جعل المشاركين يتبنون تقنيتين جديدتين فعالتين بالإضافة إلى الأساليب التي تستعمل لمناقشة المفاهيم والتعبير عنها بالفن أو اللعب أو حتى بالرياضة.


التقنية الأولى هي “معايشة القيم” فعلى سبيل المثال عندما يتعلم الشباب “الالتزام بالمواعيد” يراقبون لمدة أسبوع إذا كانوا ملتزمين بالمواعيد وإذا كان الآخرون ملتزمين أو غير ملتزمين، ويناقشون في شعورهم تجاه الالتزام أو عدمه وما إلى ذلك، فتساعد المعايشة في ترسيخ المفاهيم في وجدانهم. أما التقنية الثانية فهي “المفاهيم الداعمة” _أكثر من مفهوم_ فعلى سبيل المثال عندما يقدم البرنامج”الادخار”كمفهوم أساسي يقدم أيضًا”التخطيط”و”العمل بأهداف”كمفاهيم داعمة لأنها مثل”الادخار” “تعبير عن النظرة إلى المستقبل”، وأن “الإنسان يعمل بأهداف ويخطط للمستقبل وهذا يميزه عن الحيوان”. تساعد المفاهيم الداعمة وارتباطها بالمفاهيم الرئيسية على ترسيخ كل هذه المفاهيم في وجدان المشاركين وتساعد على استمرار آثار قيم ومهارات التنمية الاقتصادية لفترة أطول.

بالفعل، أشارت دراسة مستقلة أجرتها هنا فهمي _مستشار تنمية المجتمع إلى أنه بعد عامين من الانتهاء من برنامج “أنا ونحن” لا يزال فعالاً في تغيير المشاركين والميسرين. وأظهرت دراسة أجراها فريق بحثي من جامعة القاهرة أن الشباب الذين أكملوا البرنامج قبل 6 سنوات ما زالوا ُيظهرون تأثيرًا إيجابيًا في تطوير مفاهيم ومهارات الإدارة الذاتية، والتعامل مع الآخرين، وتكوين العلاقات، وقد أظهر ذلك مستوى عالٍ من الاستعداد للتنمية الاجتماعية والنمو الاقتصادي لدى المشاركين


تم تقديم أبحاث علمية حول برنامج “أنا ونحن” و”مؤسسة الثقافة والتعليم للطفل والعائلة” في مؤتمرات دولية ومما يثير الاهتمام دعوة المجلس الثقافي البريطاني في دبي في عام 1106 للدكتورة سهير المصري أن تقدم ورشة عمل حول “الحد من عدم المساواة في مصر” فقدمت بحثًا حول القيم الثقافية والمهارات الحياتية المتصلة بالتقدم الاقتصادي والتي يروج لها برنامج “أنا ونحن” وتتواجد في المجتمعات المتقدمة، فعندما يتبناها الأطفال والشباب تجعلهم يتصرفون مثل أمثالهم في المجتمعات المتقدمة اقتصاديًا فينجحون في العمل وهذا يحد من الفجوة الاقتصادية بين الفقراء والأغنياء في مصر. هذا يعيد إلى الأذهان التعليق الذي أدلت به عضوة في القسم الثقافي في سفارة الولايات المتحدة عندما طُبق برنامج “أنا ونحن لأول مرة إذ قالت مصر بحاجة إلى هذا البرنامج